بإسمك الأعظم اللهم وبكل حمدك :
يقول الله سبحانه للرسول صلى الله عليه وسلم :
(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لايعلمون)28 سبأ
كما قال له أيضا : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء 107.ويقول صلوات الله عليه :
( ...بعث كل نبي لقومه خاصة وبعثت للناس كافة )كما في الصحيحين مرفوعا عن جابر
مما يضفي على الإسلام صفة لم تكتب لدين قبله، وهي صفة : (العالمية) بمعنى :أن رسالته رسالة تهم كل العوالم ، ورسالة لكل الإنسانية ..
بل وإن كانت رسالته رسالة تكليف للإنس والجن ، فهي رسالة تشريف حتى للملائكة ..
وما دام الإسلام هو خاتم الديانات، فهو بالتالي الناسخ والجامع لكل أسرارها ، وبذلك اكتملت فيه كل غايات الله من التدين الكامل ، كما إكتملت في شخص محمد صلى الله عليه وسلم أسمى صفات الإنسانية ، إذ فضله الله على الناس كافة، بل وعلى العالمين ..
فلا كمال يضاهي إذن كمال الإنسان إن كمل ...
ولكن ولا بهيمية توازيه إن رذل.
إذ وضعه الله تعالى برزخا بين عالمين جد متناقضين :
عالم سامي : يعلو به نحو كل الكماليات والمعنويات والماديات الخالدة والعلوية المحثة على توازنه في وعلى كل المستويات....
وعالم دنيء : يدعوه للهث وراء شهواته وغرائزه وضرورياته الدنيوية بإنقطاع تام عن أبديته، بل وعن كل فكره السامي وكل معنويات قلبه، ومعالي روحه .
فإن سمى الإنسان وركز على جانبه العلوي ( فكره وقلبه وروحه) علا، بل وضاهى الملائكة عليهم السلام ، كما جاء عنه عليه كل الصلاة وكل السلام في حديث قدسي :(الشاب التائب خير عندي من بعض ملائكتي ) والحديث حسن غريب.
وإن رذل وركز على جانبه السفلي( بطنه وفرجه وجاهه) تدنى لحد البهيمية ، بل وإنحنى من كل إنسانيته للبشرية البهيمية كما قال تعالى :
( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) الفرقان 44.
وربما إنزلق للشيطنة : فاشتركت فيه أخلاق البهائم والشياطين ..
ليكون أخس وأشر وأحط مخلوق مهما ظن بأنه على شيء، ومهما علت علومه في الدنيا كما قال الله تعالى عن كل الكافرين والضالين:( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهو عن الآخرة هم غافلون)الروم 7.
وكما قال سبحانه عن المنافقين :( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألذ الخصام ..) البقرة 204..
صدق الله العظيم .
فكيف يبقى الإنسان إنسانا؟
بل ومن هو الإنسان إسلاميا ؟: